الحديث رقم: 17
الموفق الخوارزمي - المناقب
الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 271 )
[ النص طويل لذا استقطع منه موضع الشاهد ]
- .... أخبرنا : الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الأصبهاني حدثنا : محمد بن أحمد بن سالم حدثني إبراهيم بن أبي طالب النيشابوري حدثنا : محمد بن النعمان بن شبل حدثنا : يحيى بن أبي زوق الهمداني عن أبيه عن الضحاك
عن ابن عباس في قوله تعالى:{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ( الانسان : 8 ) }
قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (ع) وفاطمة بنت رسول الله (ص)ظلا صائمين حتى إذا كان آخر النهار واقترب الافطار قامت فاطمة (ع) إلى شيء من طحين كان عندها فخبزته قرص ملة وكان عندها نحي فيه شيء من سمن قليل فأدمت القرصة الملة شيء من السمن ينتظران بها افطارهما
فأقبل مسكين رافع صوته ينادي المسكين الجائع المحتاج، فهتف على بابهم فقال علي (ع) لفاطمة عندك شيء تطعمينه هذا المسكين قالت فاطمة : هيأت قرصا وكان في النحي شيء من سمن فجعلته فيه أنتظر به افطارنا فقال لها علي (ع) : آثرى به هذا المسكين الجائع المحتاج فقامت فاطمة (ع) بالقرص مأدوما فدفعته إلى المسكين فجعله المسكين في حضنه وخرج به متوجها من عندهما يأكل من حضن نفسه
فأقبلت امرأة معها صبي صغير تنادي : اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم ولا أحد، فلما رأت المرأة التي معها اليتيم المسكين يأكل من حضن نفسه أقبلت باليتيم فقالت : يا عبد الله أطعم هذا اليتيم المسكين مما أراك تأكل فقال لها المسكين : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق ساقه إله تعالى إلي ولكني أدلك على من أطعمني فقالت : فأدللنى عليه فقال لها : أهل ذلك البيت الذي ترين وأشار إليه من بعيد فإن في ذلك المنزل رجلا وامرأة أطعمانيه قالت : المرأة : فإن الدال على الخير كفاعله قال : المسكين : وإني لأرجو أن يطعما يتيمك كما أطعماني فأقبلت باليتيم حتى ضربت على علي ونادت : يا أهل المنزل أطعموا اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم من فضل ما رزقكم الله فقال علي (ع) لفاطمة عندك شيء فقال : فضل طحين عندي فجعلته حريرة وليس عندنا غيره وقد اقترب الافطار فقال لها علي : آثرى به هذا المسكين اليتيم وما عند الله خير وابقى فقامت فاطمة (ع) بالقدر بما فيه فكبتها في حضن المرأة فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم مما في حضنها فلم تجز بعيدا
حتى أقبل أسير من أسراء المشركين ينادي الأسير الغريب المسكين الجائع، فلما نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبى من حضنها أقبل اليها فقال : يا أمة الله أطعميني مما أراك تطعمينه هذا الصبي قالت المرأة : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق رزق الله هذا اليتيم المسكين ولكني أدلك على من أطعمني كما دلنى عليه سائل قبلك قال لها الأسير : وأن الدال على الخير كفاعله فقالت له : أهل ذلك المنزل الذي ترى فيه رجلا وامرأة أطعما مسكينا سائلا وهذا اليتيم فانطلق الأسير إلى باب علي وفاطمة (ع) فهتف بأعلى صوته : يا أهل المنزل أطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل ما رزقكم الله تعالى فقال علي لفاطمة : أعندك شيء قالت : ما عندي طحين أصبت فضل تميرات فخلصتهن من النوى وعصرت النحي فقطرته على التمرات ودققت ما كان عندي من فضل الاقط فجعلته حيسا فما فضل عندنا شيء نفطر عليه غيره فقال لها علي (ع) : آثرى به هذا الأسير المسكين الغريب فقامت فاطمة إلى ذلك الحيس فدفعته إلى الأسير
وباتا يتضوران على الجوع من غير افطار ولا عشاء ولا سحور ثم أصبحا صائمين حتى آتاهما الله سبحانه برزقهما عند الليل فصبرا على الجوع فنزل في ذلك :{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ( الانسان : 8 ) } أي على شدة شهوتهم له مسكينا قرص ملة ويتيما حريرة وأسيرا حيسا إنما نطعمكم يخبر عن ضميرهما لوجه الله يقول ارادة ما عند الله من الثواب لا نريد ( منكم ) في الدنيا ( جزاء ) يعني ثوابا ولا شكورا يقول ثناء يثنون به علينا إنا نخاف يخبر عن ضميرهما من ربنا يوما عبوسا قمطريرا قال : العبوس : تقبض ما بين العينين من أهواله وخوفه والقمطرير : الشديد فوقهم الله شر ذلك يقول خوف ذلك اليوم ولقيهم نضرة يقول بهجات الجنة وسرورا يقول سرهما من قرة العين بالجنة وجزاهم يقول وأثابهم بما صبروا على الجوع حتى آثروا بالطعام لافطارهم اليتيم والمسكين والأسير حيسا وحريرا متكئين فيها على الأرائك الأرائك : الأسرة المرمولة بالدر والياقوت والزبرجد في عليين مضروبة عليها الحجال لا يرون فيها شمسا يوذيهم حرها ولا زمهريرا يقول لا يؤذيهم برده و دانية قريبة عليهم ظلالها وذللت [ قطوفها ] يقول قربت الثمار منهم تذليلا يأكلونها قياما وقعودا ومتكئين ومستلقين على ظهورهم ليس القائم بأقدر عليها من المتكى وليس المتكى بأقدر عليها من المستلقى ويطوف عليهم ولدان من الوصفاء مخلدون قال : مسورون بإسورة الذهب والفضة وقال : مخلدون لم يذوقوا طعم الموت قط وإنما خلقوا خدما لأهل الجنة إذا رأيتهم حسبتهم من بياضهم وحسنهم لؤلؤا منثورا لكثرتهم فشبه بياضهم وحسنهم باللؤلؤ وكثرتهم بالمنثور.