الحديث رقم: 1
صحيح مسلم - كتاب التوبة - باب في حديث الافك وقبول توبة القاذف
الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 112 > 119 )
2770 - حدثنا : حبان بن موسى أخبرنا : عبد الله بن المبارك أخبرنا : يونس بن يزيد الأيلي ح وحدثنا : إسحق بن ابراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد ، قال : ابن رافع حدثنا : وقال الآخران أخبرنا : عبد الرزاق أخبرنا : معمر والسياق حديث معمر من رواية عبد وابن رافع ، قال : يونس ومعمر جميعا ، عن الزهري ، أخبرني : سعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن حديث عائشة زوج النبي (ص) حين قال لها أهل الافك ما قالوا : فبرأها الله مما قالوا : وكلهم حدثني : طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني : وبعض حديثهم يصدق بعضا ذكروا أن عائشة زوج النبي (ص) ، قالت : كان رسول الله (ص) إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله (ص) معه قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله (ص) وذلك بعد ما انزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه مسيرنا حتى إذا فرغ رسول الله (ص) من غزوه وقفل ودنونا من المدينة أذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه قالت : وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهأوليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش ، فادلج فأصبح عند منزلي فرآى سواد انسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا والناس يفيضون في قول أهل الافك ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله (ص) اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل رسول الله (ص) فيسلم ثم يقول : كيف تيكم فذاك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج الا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وأبنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب.
فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت أتسبين رجلا قد شهد بدرا ، قالت : أي هنتاه أولم تسمعي ما قال : قلت وماذا قال : قالت : فأخبرتني بقول أهل الافك فازددت مرضا إلى مرضي فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله (ص) فسلم ثم قال : كيف تيكم قلت أتأذن لي أن أتي أبوي قالت : إنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما فأذن لي رسول الله (ص) فجئت أبوي فقلت : لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس فقالت : يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر الا كثرن عليها قالت : قلت سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي ودعا رسول الله (ص) علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت : فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله (ص) بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال : يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم الا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال : لم يضيقالله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك قالت : فدعا رسول الله (ص) بريرة ، فقال : أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ، قالت : له بريرة والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله قالت : فقام رسول الله (ص) على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت : فقال رسول الله (ص) وهو على المنبر : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي الا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه الا خيرا وما كان يدخل على أهلي الا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله : إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من اخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت : فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله (ص) قائم على المنبر فلم يزل رسول الله (ص) يخفضهم حتى سكتوا وسكت قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي قالت : فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله (ص) فسلم ثم جلس قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت : فتشهد رسول الله (ص) حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فانه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه قالت : فلما قضى رسول الله (ص) مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب عني رسول الله (ص) فيما قال : فقال والله ما أدري ما أقول لرسول الله (ص) ، فقلت : لأمي أجيبي عني رسول الله (ص) ، فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله (ص) ، فقلت وأنا جارية حديثة السن لا اقرأ كثيرا من القرآن : إني والله لقد عرفت انكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فإن قلت لكم : إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقونني وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا الا كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي قالت : وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله (ص) في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت : فوالله ما رام رسول الله (ص) مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه (ص) فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت : فلما سري عن رسول الله (ص) وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك فقالت لي أمي : قومي إليه فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد الا الله هو الذي أنزل براءتي قالت : فأنزل الله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ( النور : 11 ) } عشر آيات فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات براءتي قالت : فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال : لعائشة فأنزل الله عز وجل : { وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى ( النور : 22 ) } إلى قوله : { أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( النور : 22 ) }.
قال : حبان بن موسى قال عبد الله بن المبارك هذه أرجى آية في كتاب الله ، فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال : لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة : وكان رسول الله (ص) سأل زينب بنت جحش زوج النبي (ص) عن أمري ما علمت أو ما رأيت فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت الا خيرا قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي (ص) فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك.
قال الزهري : فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط ، وقال : في حديث يونس احتملته الحمية وحدثني : أبو الربيع العتكي حدثنا : فليح بن سليمان ، ح وحدثنا : الحسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد ، قالا : حدثنا : يعقوب بن ابراهيم بن سعد حدثنا : أبي ، عن صالح بن كيسان كلاهما ، عن الزهري بمثل حديث يونس ومعمر بإسنادهما وفي حديث فليح اجتهلته الحمية كما قال : معمر وفي حديث صالح احتملته الحمية كقول يونس وزاد في حديث صالح ، قال عروة : كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول فأنه قال : فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء وزاد أيضا قال عروة : قالت عائشة والله أن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول : سبحان الله فوالذي نفسي بيده ما كشفت عن كنف أنثى قط قالت : ثم قتل بعد ذلك شهيدا في سبيل الله ، وفي حديث يعقوب بن ابراهيم موعرين في نحر الظهيرة وقال عبد الرزاق موغرين قال عبد بن حميد قلت لعبد الرزاق ما قوله موغرين قال : الوغرة شدة الحر حدثنا : أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء ، قالا : حدثنا : أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لما ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به قام رسول الله (ص) خطيبا فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي وأيم الله ما علمت على أهلي من سوء قط وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط ولا دخل بيتي قط الا وأناحاضر ولا غبت في سفر الا غاب معي وساق الحديث بقصته وفيه ولقد دخل رسول الله (ص) بيتي فسأل جاريتي فقالت : والله ما علمت عليها عيبا الا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل عجينها أو قالت : خميرها شك هشام فانتهرها بعض أصحابه فقال : اصدقي رسول الله (ص) حتى أسقطوا لها به فقالت سبحان الله والله ما علمت عليها الا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر وقد بلغ الأمر ذلك الرجل الذي قيل له فقال : سبحان الله والله ما كشفت عن كنف أنثى قط قالت عائشة وقتل شهيدا في سبيل الله وفيه أيضا من الزيادة وكان الذين تكلموا به مسطح وحمنة وحسان ، وأما المنافق عبد الله بن أبي فهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي تولى كبره وحمنة.