الحديث رقم: 12
ابن أبي الحديد - شرح نهج البلاغة
الجزء : ( 6 ) - رقم الصفحة : ( 86 )
- قال : إبراهيم : حدثنا : محمد بن عبد الله عن المدائني عن محمد بن يوسف أن عمرو ابن العاص لما قتل كنانة أقبل نحو محمد بن أبي بكر وقد تفرق عنه أصحابه فخرج محمد متمهلا فمضى في طريقه حتى انتهى إلى خربة فآوى اليها وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط وخرج معاوية بن حديج في طلب محمد حتى انتهى إلى علوج على قارعة الطريق فسألهم : هل مربهم أحد ينكرونه قالوا : لا قال : أحدهم : إني دخلت تلك الخربة فإذا أنا برجل جالس قال ابن حديج : هو هو ورب الكعبة فانطلقوا يركضون حتى دخلوا على محمد فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا فأقبلوا به نحو ا لفسطاط. قال : ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص وكان في جنده فقال : لا والله لا يقتل أخي صبرا ابعث إلى معاوية بن حديج فانهه فأرسل عمرو ابن العاص : أن ائتني بمحمد فقال معاوية : أقتلتم كنانة بن بشر ابن عمى وأخلى عن محمد هيهات ( أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر ) فقال محمد : اسقوني قطرة من الماء فقال له معاوية بن حديج : لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا انكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما فسقاه الله من الرحيقالمختوم والله لاقتلنك يابن أبي بكر وأنت ظمان ويسقيك الله من الحميم والغسلين فقال له محمد : يا ابن اليهودية النساجة ليس ذلك اليوم إليك ولا إلى عثمان إنما ذلك إلى الله يسقى أولياءه ويظمئ أعداءه وهم أنت وقرناؤك ومن تولاك وتوليته والله لو كان سيفى في يدى ما بلغتم منى ما بلغتم
فقال له معاوية بن حديج : أتدرى ما اصنع بك أدخلك جوف هذا الحمار الميت ثم أحرقه عليك بالنار، قال : إن فعلتم ذاك بى فطالما فعلتم ذاك باولياء الله وأيم الله إني لأرجو أن يجعل الله هذه النار التى تخوفني بها بردا وسلاما كما جعلها الله على إبراهيم خليله وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك كما جعلها على نمرود وأوليائه وإني لأرجو أن يحرقك الله وامامك معاوية وهذا - وأشار إلى عمرو بن العاص بنار - تلظى كلما خبت زادها الله عليكم سعيرا فقال له معاوية بن حديج : إني لا أقتلك ظلما إنما أقتلك بعثمان بن عفان قال محمد : وما أنت وعثمان رجل عمل بالجور وبدل حكم الله والقرآن وقد قال الله عز وجل : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( المائدة : 44 ) } { فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( المائدة : 45 ) } { فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( المائدة : 47 ) } فنقمنا عليه أشياء عملها فأردنا أن يخلع من الخلافة علنا فلم يفعل فقتله من قتله من الناس
فغضب معاوية بن حديج فقدمه فضرب عنقه ثم القاه في جوف حمار وأحرقه بالنار فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعا شديدا وقنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومعاوية بن حديج، وقبضت عيال محمد أخيها وولده اليها فكان القاسم بن محمد من عيالها قال : وكان ابن حديج ملعونا خبيثا يسب علي بن أبي طالب (ع).