الحديث رقم: 1
السفاريني - غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
مطلب في حرمة اللعن لمعين وما ورد فيه
الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 122 )
[ النص طويل لذا استقطع منه موضع الشاهد ]
- وقال في موضع آخر :
قيل لأحمد بن حنبل (ر) : أيؤخذ الحديث عن يزيد فقال : لا ولا كرامة أو ليس هو فعل بأهل المدينة ما فعل، وقيل له :
إن قوما يقولون إنا نحب يزيد فقال : وهل يحب يزيد من يؤمن بالله واليوم الآخر فقيل له : أولا تلعنه فقال : ما رأيت أباك يلعن أحدا وفي رواية متى رأيت أباك لعانا.
- وقال الامام الحافظ ابن الجوزي في لعنة يزيد :
أجازها العلماء الورعون منهم الامام أحمد بن حنبل (ر)، وأنكر ذلك عليه الشيخ عبد المغيث الحربي وأكثر أصحابنا ذكره في الآداب الكبرى قال : لكن منهم من بني الأمر على أنه لم يثبت فسقه وكلام عبد المغيث يقتضي ذلك وفيه نوع انتصار ضعيف ومنهم من بني الأمر على أنه لا يلعن الفاسق المعين
وشنع الامام الحافظ ابن الجوزي على من أنكر استجازة ذم المذموم ولعن الملعون كيزيد.
- قال :
وقد ذكر الامام أحمد في حق يزيد ما يزيد على اللعنة، وذكر ما ذكره القاضي في المعتمد من رواية صالح :
ومالي لا ألعن من لعنه الله عز وجل في كتابه إن صحت الرواية قال : وصنف القاضي أبو الحسين كتابا في بيان من يستحق اللعن وذكر فيهم يزيد قال : وقد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب معشار عشر ما فعل يزيد، وذكر الفعل العام كالوامصة وأمثاله
وذكر رواية أبي طالب سألت أحمد بن حنبل عمن قال : لعن الله يزيد بن معاوية فقال : لا أتكلم في هذا الامساك أحب إلي.
- وفي الآداب الكبرى لابن مفلح ذكر القاضي ما نقله من خط أبي حفص العكبري أسنده إلى صالح بن أحمد
قلت لأبي : إن قوما ينسبونا إلى توالي يزيد فقال : يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله فقلت : ولم لا تلعنه فقال : ومتى رأيتني ألعن شيئا لم لا تلعن من لعنه الله عز وجل في كتابه فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه فقرأ :{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ @ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ( محمد : 22 - 23 ) }
فهل يكون في قطع الرحم أعظم من القتل.
- قال القاضي :
وهذه الرواية إن صحت فهي صريحة في معنى علة لعن يزيد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ر) : الدلالة مبنية على استلزام المطلق للمعين.
- قلت :
أكثر المتأخرين من الحفاظ والمتكلمين يجيزون لعنة يزيد اللعين كيف لا وهو الذي فعل المعضلات وهتك ستر المخدرات وانتهك حرمة أهل البيت وآذى سبط النبي (ص) وهو حي وميت مع مجاهرته بشرب الخمور والفسق والفجور ذكروا في ترجمته أنه كان مجاهرا بالشراب متهتكا فيه.
- وله في وصفه بدائع وغرائب ونهاه والده فلم ينته فغضب عليه
فأنشد يزيد يخاطبه، ونسبها الأصمعي إلى غيره :
أمن شربة من ماء كرم شربتها * غضبت علي الآن طاب لي السكر
سأشرب فاغضب لا رضيت * كلاهما حبيب إلى قلبي عقوقك والخمر
وهو القائل من قصيدة :
وشمسة كرم برجها قعر دنها * فمطلعها الساقي ومغربها فمي
مدام كتبر في اناء كفضة * وساق كبدر مع ندامى كأنجم
إذا نزلت من دنها في زجاجة * حكت نفرا بين الحطيم وزمزم
نشير اليها بالبنان كأنما * نشير إلى البيت العتيق المحرم
إلى أن يقول :
فإن حرمت يوما على دين أحمد * فخذها على دين المسيح بن مريم
- وله من أمثال هذه الضلالات كثير جدا : وفي المجلد السادس عشر من الوافي بالوفيات أن الكيا الهراس
سئل عن لعن يزيد فقال : فيه لأحمد قولان تلويح وتصريح ولمالك قولان تلويح وتصريح ولنا قول واحد التصريح دون التلويح وكيف لا يكون كذلك وهو اللاعب بالرند والمتصيد بالفهد ومدمن الخمر وذكر من شعره أشياء ثم ذكر أنه سبى أهل البيت لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقي الأطفال والنساء من ذرية علي والحسين والرؤوس على أسنة الرماح وقد أشرفوا على ثنية العقاب فلما رآهم الخبيث أنشأ يقول:
لما بدت تلك الحمول وأشرفت * تلك الرؤوس على شفا جيرون
نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل * فقد اقتضيت من الرسول ديوني
يعني بذلك أنه قتل بمن قتله رسول الله (ص) يوم بدر عتبة جده أبو أمه وخاله وغيرهما.
-
قلت : أنا لا أشك أن قائل هذا الكلام خارج من ربقة الإسلام والله ورسوله بريئان منه ثم إن الخبيث لما أتي برأس سيدنا الحسين (ر) تناوله بقضيب فكشف عن ثناياه وهي أبيض من البرد فقال عليه غضب المتعال:
نفلق هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما
-
وقال أيضا : لما فعل بأهل المدينة ما فعل وجاءه رسوله بالأخبار التي لا تفعلها الا الكفار، فتمثل بقول ابن الزبعري :
ليت أشياخي ببدر علموا * جزع الخزرج من وقع الأسل