الحديث رقم: 6
ابن شبة النميري - تاريخ المدينة - اقامة عمر (ر) الحدود على القريب والبعيد
الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 846 > 849 )
[ النص طويل لذا استقطع منه موضع الشاهد ]
- حدثنا : محمد بن يحيى عن محمد بن جعفر قال : لما توفي العلاء بن الحضرمي وهو عامل البحرين لعمر (ر) استعمل عمر (ر) قدامة بن مظعون عليها فخرج يغزو بعض بلاد الأعاجم فأصابهم في مسيرهم نصب وعذر فمروا ببيت مفتوح فدخله قدامة والأرقم بن أبي الأرقم وعياش بن أبي ربيعة المخزومي وابن حنظلة الرزقي الأنصاري
فوجدوا فيه طعاما كثيرا وخمرا في جرار فأكل قدامة وبعض من معه وشربوا من تلك الخمر ثم لحقهم أبو هريرة (ر) فمر بالبيت فدخله فوجدهم فأنكر عليهم ما صنعوا، فقال : مالك ولهذا يا ابن أبيه وقال عياش : إني والله ما كنت من أمرهم بسبيل ولا شربت ما شربوا قال : فمالك معهم قال : استظللت بظلهم واستقاء فقاء كسرا أكلها وشرب عليها ماء فركب الجارود العبدلي ورجل من بني رباح بن يربوع بن حنظلة - كان خصيا في الجاهلية فكان يقال له : خصي بني رباح - في نفر من أهل البحرين حتى قدموا على عمر (ر) فذكروا له أمر قدامة وشهدوا عليه بشرب الخمر فسبهم وغضب عليهم غضبا شديدا وأبى أن ينزلهم ومنع الناس أن ينزلوهم ومر الجارود بمنزل عمر (ر) وابنة له تطلع وهي ابنة أخت قدامة فقالت : والله لأرجو أن يخزيك الله فقال : إنما يخزي الله العينين اللتين تشبهان عينيك أو يأثم أبوك ورجا عمر (ر) أن ينزعوا عن شهادتهم وأعظم ما قالوا وأرسل إلى الجاورد : لقد هممت أن أقتلك أو أحبسك بالمدينة فلا تخرج منها أبدا أو أمحوك من العطاء فلا تأخذ مع المسلمين عطاء أبدا فأرسل إليه الجارود : إن قتلتني فأنت أشقى بذاك وإن حبستني بالمدينة فما بلد أحب إلي من بلد فيه قبر رسول الله (ص) ومنبره ومهاجره وإن محوتني من العطاء ففي مالي سعة ويكون عليك مأثم ذاك وتباعته فلما رأى عمر (ر) أنهم لا ينزعون ولا يزدادون إلا شدة أرسل إليهم وسمع منهم وقال : والله ما استعملت عاملا قط لهوى لي فيه إلا قدامة ثم والله ما بارك الله لي فيه ثم كتب إلى أبي هريرة (ر) : إن كان ما شهدوا حقا فاجلد قدامة الحد وأعدل
فلما جاء كتاب عمر أبا هريرة (ر) جلد قدامة الحد، فقدم قدامة على عمر (ر) فتظلم من أبي هريرة فقدم أبو هريرة (ر) فأرسل إليه عمر (ر) : خاصم قدامة فإنه قد تظلم منك فقال : لا حتى يرجع إلى عقلي ويذهب عني نصب السفر وأنام فإني قد سهدت في سفري فلبث ثلاثا ثم خاصم قدامة في بيت عمر وعند عمر (ر) زينب بنت مظعون وهي أم حفصة وعبد الله ابني عمر فتراجعا فكان أبو هريرة (ر) أطولهما لسانا ففزعت بنت مظعون فقالت : لعنك الله من شيخ طويل اللسان ظالم فقال : أبو هريرة : بل لعنك الله من عجوز حمراء رمضاء بذئ لسانها فاحشة في بيتها فقال قدامة : يا أمير المؤمنين سله لم جلدني قال : جلدتك بالذي رأيت منك قال : هل رأيتني أشرب الخمر قال : لا قال عمر (ر) : الله أكبر قال أبو هريرة (ر) : يرحم الله أبا بكر تشتمني زوجتك وتقضي بيني وبين ختنك في بيتك وتعين علي بالتكبير فقال عمر (ر) : فقوموا فقاموا جميعا حتى جلسنا في المسجد واجتمع عليهم الناس فقال قدامة : أنشدك الله هل رأيتني أشرب الخمر قال : لا قال : فهل رأيتني أشتريها قال : لا قال : فهل رأيتني أحملها قال : لا قال : فهل رأيتها تحمل إلي قال : لا قال : الله أكبر ففيم جلدتني قال : جلدتك أني رأيتك تقيئها تخرجها من بطنك فمن أين أدخلتها قال : قدامة : وإنك بالخمر لعالم قال : نعم والله ولقد كنت أشربها ثم ما شربتها بعدما بايعت رسول الله (ص) قال عمر (ر) : تب إلى الله يا قدامة اللهم صدق وكذبت وبر وفجرت تب إلى الله . وكان ابن جندب الهذلي أتاه بالبحرين فوصله فلما ضربه عمر (ر) في الشراب قال ابن جندب :
أؤمل خيرا من قدامة بعدما * علا السوط منه كل عظم ومفصل
شربت حراما يا قدام فأرسلت * عليك سياط الشارب الخمر من عل
فلا تشربن خمرا قدامة إنها * حرام على أهل الكتاب المنزل.