الحديث رقم: 3
الخطيب البغدادي - تاريخ بغداد - مقدمة المصنف
باب ما ذكر في مقابر بغداد المخصوصة بالعلماء والزهاد
الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 135 / 136 )
- حدثنا : أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري قال :
سمعت : أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع يقول : سمعت : أبا عبد الله بن المحاملي يقول:أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم الا فرج الله همه، وبالجانب الشرقي مقبرة الخيزران فيها قبر محمد بن اسحاق بن يسار صاحب السيرة وقبر أبي حنيفة النعمان بن ثابت امام أصحاب الرأي.
- أخبرنا : القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري قال : أنبأنا : عمر بن ابراهيم قال : نبأنا : علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم يعني زائرا فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى ومقبرة عبد الله بن مالك دفن بها خلق كثير من الفقهاء والمحدثين والزهاد والصالحين وتعرف بالمالكية ومقبرة باب البردان فيها أيضا جماعة من أهل الفضل وعند المصلى المرسوم بصلاة العيد
كان قبره يعرف بقبر النذور ويقال : إن المدفون فيه رجل من ولد علي بن أبي طالب (ر) يتبرك الناس بزيارته ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته.
- حدثني : القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال : حدثني : أبي قال : كنت جالسا بحضرة عضد الدولة ونحن مخيمون بالقرب من مصلى الأعياد في الجانب الشرقي من مدينة السلام تريد الخروج معه إلى همذان في أول يوم نزل المعسكر فوقع طرفه على البناء الذي على قبر النذور فقال لي : ما هذا البناء فقلت : هذا مشهد النذور ولم أقل قبر لعلمي بطيرته من دون هذا واستحسن اللفظة وقال : قد علمت أنه قبر النذور وإنما أردت شرح أمره فقلت : هذا يقال : أنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ويقال : أنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وأن بعض الخلفاء أراد قتله خفيا فجعلت له هناك زبية وستر عليها وهو لا يعلم فوقع فيها وهيل عليه التراب حيا
وإنما شهر بقبر النذور لأنه ما يكاد ينذر له نذر الا صح وبلغ الناذر ما يريد ولزمه الوفاء بالنذور وأنا أحد من نذر له مرارا لا أحصيها كثرة نذورا على أمور متعذرة فبلغتها ولزمني النذر فوفيت بهفلم يتقبل هذا القول وتكلم بما دل أن هذا إنما يقع منه اليسير اتفاقا فيتسوق العوام بأضعافه ويسيرون الأحاديث الباطلة فيه فأمسكت فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني في غدوة يوم وقال : اركب معي إلى مشهد النذور فركبت وركب في نفر من حاشيته إلى أن جئت به إلى الموضع فدخله وزار القبر وصلى عنده ركعتين سجد بعدهما سجدة أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد ثم ركبنا معه إلى خيمته وأقمنا أياما ثم رحل ورحلنا معه يريد همذان فبلغناها وأقمنا فيها معه شهورا فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي الست تذكر ما حدثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد فقلت : بلى فقال : إني خاطبتك في معناه بدون ما كان في نفسي اعتمادا لاحسان عشرتك والذي كان في نفسي في الحقيقة أن جميع ما يقال فيه كذب فلما كان بعد ذلك بمديدة طرقني أمر خشيت أن يقع ويتم وأعملت فكري في الاحتيال لزواله ولو بجميع ما في بيوت أموالي وسائر عساكري فلم أجد لذلك فيه مذهبا فذكرت ما أخبرتني به في النذر لمقبرة النذور فقلت : لم لا أجرب ذلك فنذرت ان كفاني الله تعالى ذلك الأمر أن أحمل إلى صندوق هذا المشهد عشرة آلاف درهم صحاحا فلما كان اليوم جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر فتقدمت إلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف يعني كاتبه أن يكتب إلى أبي الريان وكانت خليفته ببغداد يحملها إلى المشهد ثم التفت إلى عبد العزيز وكان حاضرا فقال له عبد العزيز : قد كتبت بذلك ونفذ الكتاب.